السلام عليكم و رحمة الله زملائي و زميلاتي ، لا أدري كيف يمكنني أن أبدأ مثل هذا الموضوع نظرا لشدة الأهمية التي تنطوي بين جنباته و ذلك من أجل تحسين نمط الحياة التي يعيشها بعضنا و لا بد من أننا جميعا سنعيشها في المستقبل. لقد أيقظني موقف حصل مع صديق لي قبل أيام و جعلني أستغرق في التفكير إلى أن وصلت إلى هذه الخلاصة التي أسردها لأول مرة في حياتي و في منتدانا العظيم. لن أسهب كثيرا في التقديم لهذا الموضوع و لكني سأسترسل مباشرة فيه. بكل تأكيد فإن كلا منا رجالا أو نساءا لا بد من أن يلتقي في أحد الأيام بوليفه و زوجه الذي سيقضي معه باقي حياته ، و مما لا شك فيه أن كل من الرجال و النساء على حد سواء يسعون إلى الوصول إلى حياة مليئة بالسعادة و التفاهم و الحب و الحنان بدون أنتهاء ، بيد أن هذه المساعي في الغالب ما تخيب فتنعكس سلبيا على الحياة التي يعيشونها و يفسدها و يجعلهم يعيشون في نكد و تكدر و حقد و كره بدون إنتهاء. و عليه فإنني أسعى من خلال ما سأكتبه لكم أن أعالج – من وجهة نظري البحتة – واحدة من أهم المسائل التي يجب على كلا من الرجل و المرأة أن يمنحها جزءا كبيرا من تركيزه و إهتمامه لإنها في نظري أساس التحول من الحلم بحياة ملؤها سعادة و حب و حنان و تفاهم إلى حياة نكد و تكدر و حقد و كره. هي بمثابة نصيحة أوجهها إلى كلا الجنسين في حياتهم المستقبلية و التي بكل تأكيد سيحتك كل منهما مع وليفه من الجنس الآخر. إن من الأهمية بمكان أن نفهم تماما بإن الحب هو أهم مقومات الحياة الأسرية التي تقوم بين المرأة و الرجل في الحياة الإجتماعية ، و بدون وجوده فإن الحياة التي يعيشها الزوجين ليس لها أي معنى ، ثم إن تقليص معنى الحياة الزوجية إلى إنجاب أطفال و أكل و شرب و ملبس و سكن في الحياة الحضرية التي نعيشها في أيامنا هذه في الجمهورية اليمنية و الوطن العربي بشكل عام و العالم هو من ما يقود مجتمعاتنا نحو الأنهيار التدريجي للحياة الأجتماعية الحقّه ، فما ينطوي تحت الحياة و العلاقة الزوجية هو أكبر من هذا كله ، و ما أنا في صدد الحديث عنه هو التفاهم و الذي سيكون نتيجة له تنمية الإحساس بالحب و الإنسجام و روح التعاون بين الزوجين ، و ذلك بتفادي الخلافات التي من الممكن نشوبها بينهما فكما أن التفاهم هو ما ينمي الإحساس بالحب و الإنسجام و روح التعاون بين الزوجين ، فإن إنعدامه هو مما يفقد الزوجين الإحساس بالحب و الإنسجام و روح التعاون و قد يقتل هذا الإحساس في بعض الأحيان.
إن أحد أكثر التحديات صعوبة في علاقات الزواج و الحب هو التعامل مع الإختلافات و الخلافات. في الغالب حين يختلف الأزواج يمكن أن تتحول مناقشاتهم إلى مجادلات ثم من دون إنذار إلى معارك و فجأة يتوقفون عن الحديث بشكل ودي و يبدأ بعضهم يجرح بعضا بشكل آلي : يلومون ، يشتكون ، يتهمون، يتذمرون ، يتذكرون الماضي ، و تكثر مطالبهم و يستاؤون و يتشككون. الرجال و النساء الذين يتجادلون بهذا الأسلوب يجرحون ليس فقط مشاعرهم و لكن علاقاتهم أيضا و قد تصل في بعض الأحيان إلى الطلاق و العياذ بالله. فكما أن الإتصال أو التفاهم هو العنصر الأكثر أهمية في العلاقة ، فإن المجادلات يمكن أن تكون العنصر الأكثر تدميرا.
و كقاعدة أساسية (لا تجادل أبدا ، بدلا من ذلك ناقش الحجج المؤيدة و الحجج المناقضة لأمر ما ، تفاوض حول ما تريد و لكن لا تجادل) ، بالإمكان أن تكون أمينا و منفتحا و يمكن حتى أن تعبر عن مشاعر سلبية دون مجاملات أو مخاصمات. بعض الأزواج يتجادلون طول الوقت ، و يموت حبهم تدريجيا ، و على الطرف الآخر يكبت بعض الأزواج مشاعرهم الصادقة من أجل تفادي الصراع و لكي لا يتجادلون و نتيجة لكبت مشاعرهم الحقيقية يفقدون الصلة بمشاعرهم الودية ، و هكذا فإن أحد الأزواج يشن حربا ضروس و الآخر يشن حربا باردة.
و الأفضل للزوجين أن يجدا توازنا بين هذين الطرفين ، فإذا تذكرنا أننا من جنسين مختلفين و تمكنا بالتالي من تطوير مهارات إتصال و تفاهم جيدة يكون من الممكن تلافي المجادلات دون كبت المشاعر السلبية و الأفكار و الرغبات المتصارعة. و إذا ما تأملنا في النتائج التي تؤول إليها المجادلات التي نجتر إليها من حين لآخر فإننا سنرى بأن ما يحدث هو ما لا نرجوه أبدا ، فماذا يحدث عندما نتجادل؟؟؟.
إن الإختلافات و إختلاف وجهات النظر لا تؤلم بقدر الأسلوب الذي يعبر عنها. في الحالة المثالية ليس من المحتم أن تكون المجادلة مؤلمة و يمكن بدلا من ذلك أن تكون ببساطة مناقشة ممتعة تعبر عن إختلافاتنا و إختلاف وجهة نظرنا ، ( ما لا يمكن تفاديه أن كل الأزواج ستكون لهم إختلافات و يختلفون من وقت لآخر) و لكن عمليا معظم الأزواج يبدأون الجدال حول أمر واحد ثم بعد خمس دقائق إذا لم تكن أقل يتجادلون حول الأسلوب الذي يتجادلون به. و من دون علم يبدأ بعضهم بجرح بعضهم بعضا ، و الذي كان من الممكن أن يكون محاولة بريئة يمكن حلها بسهولة بفهم متبادل و بتقبل لاختلافاتنا ، يتطور إلى معركة و يرفضون أن يتقبلوا و يتفهموا محتوى وجهة نظر شريكهم بسبب الأسلوب الذي تم تناولها به.
و حل الجدال يتطلب توسيع أو مد وجهة نظرنا لتشمل و تتحد مع وجهة نظر أخرى ، و للإلمام بهذا التوسع نحتاج إلى أن نشعر بأننا نلقى التقدير و الإحترام و الود و إذا كان موقف شريكنا غير ودي فيمكن في الحقيقة أن يتأذى تقدير الذات لدينا بتبني وجهة نظرهم. و كلما كنا أكثر قربا من شخص ما كلما كانت الصعوبة أكبر في أن نسمع بموضوعية وجهة نظرهم من دون رد فعل تجاه مشاعرهم السلبية و لحماية أنفسنا من الشعور بإستحقاق إحتقارهم و إستهجانهم تبرز الدفاعات الآلية لمقاومة وجهة نظرهم و حتى لو اتفقنا مع وجهة نظرهم ، ربما نستمر بعناد في المجادلة بشأنه.
و هنا في نوع من الشرح الذي أستطيعه سوف أتطرق إلى ماهية خلق جو من التفاهم بين الزوجين. فمعظم حاجاتنا العاطفية المعقدة و فهمها فهما خاطئا هي مما يجرنا إلى المجادلات في الغالب و الإختلاف الحاد و عدم تقبل كل منا وجهة نظر الآخر ، و يمكنني تلخيص هذه الإحتياجات العاطفية في حاجتنا إلى الحب و الذي تندرج وراءه باقي الإحتياجات الإحتياطية التي تقودنا بدون شك إلى الحياة السعيدة و التفاهم اللامتناهي و الألفه التي يجب أن تعيش بين الزوجين. إن لدى كل من الرجال و النساء ست حاجات عاطفية فريدة كلها مهمة بقدر متساو ، فالنساء في المقام الأول تحتاج إلى الرعاية و التفهم و الإحترام و الإخلاص و التصديق و التطمين. و الرجال في المقام الأول كذلك يحتاجون إلى الثقة و التقبل و التقدير و الإعجاب و الإستحسان و التشجيع.
و المهمة الضخمة لمعرفة ماذا يحتاج شريكنا تبسط بصورة كبيرة عن طريق فهم تلك الأصناف المختلفة للحب. فمن المؤكد أن كل رجل و امرأة يحتاج بصورة جوهرية إلى كل أصناف الإحتياجات العاطفية الأثني عشر و التسليم بأصناف الإحتياجات العاطفية التي تحتاج إليها النساء في المقام الأول لا يعني أن الرجال لا يحتاجون إلى هذه الأصناف من الإحتياجات ، فالرجال أيضا يحتاجون إلى الرعاية و التفهم و الإحترام و الإخلاص و التصديق و الطمأنة و يقصد بالحاجات الأولية أن إشباع حاجة أولية يكون مطلوبا قبل أن يتمكن الفرد من تلقي و تقدير أصناف الإحتياجات الأخرى.
يصبح الرجل مقبلا و مقدرا لأصناف الإحتياجات الستة التي تحتاج إليها النساء في المقام الأول ( الرعاية ، التفهم ، الإحترام ، الإخلاص ، التصديق ، التطمين) عندما تكون حاجته الأولية مشبعة أولا. و بطريقة مشابهة تحتاج المرأة إلى الثقة و التقبل و التقدير و الإعجاب و الإستحسان و التشجيع و لكن قبل أن تثمن حقيقة قيمة هذه الأصناف و تقدرها حق قدرها يجب أن تشبع حاجاتها الأولية أولا.
إن فهم هذه الأصناف الأولية للإحتياجات العاطفية التي يحتاج شريكك يعتبر سرا عظيما لتحسين العلاقات على وجه الأرض ، فإذا تذكرتِ أن الرجال من جنس مختلف تماما عنك فسيساعدك ذلك على أن تتذكري و تتقبلي أن للرجال حاجات عاطفية أولية مختلفة. فمن السهل على المرأة أن تعطي ما تحتاج هي إليه و تنسى أن شريكها المحبوب ربما يحتاج إلى شيء آخر ، و بطريقة مشابهة يميل الرجال إلى التركيز على حاجاتهم و يضلون عن حقيقة أي نوع عاطفة يحتاجون إليها ليس دائما مناسبا أو تدعيميا لشريكته المحبوبة.
و كخلاصة فإن الوجه العملي و الأكثر فعالية لهذا الفهم الجديد للحب و العاطفه هو أن هذه الأصناف المختلفة من العاطفة تبادلية على سبيل المثال حين يعبر الرجل عن رعايته و تفهمه تبدأ المرأة آليا مبادلته بالثقة و التقبل التي يحتاج إليها في المقام الأول ، و نفس الشيء يحدث عندما تعبر المرأة عن ثقتها فإن الرجل يبدأ مبادلتها بالرعاية التي تحتاج إليها. فهي تحتاج إلى الرعاية فيما هو يحتاج إلى الثقة ، و هي تحتاج إلى التفهم بينما هو يحتاج إلى التقبل ، و هي تحتاج إلى الإحترام و هو يحتاج إلى التقدير ، و هي تحتاج إلى الإخلاص و هو يحتاج إلى الإعجاب ، و هي تحتاج إلى التصديق بينما هو يحتاج إلى الإستحسان ، و فيما هي تحتاج إلى الطمأنه فإنه يحتاج إلى التشجيع. و بتطبيق هذه الإحتياجات و ممارستها بين الزوجين عمليا نجد أن الحياة تبدأ في الأنسياب بأسلوب سلس نحو السعادة والتفاهم اللامحدود و يبدأ الحب بالنمو و يكبر و يكبر و يغمر الزوجين و أبنائهم و الحياة من حولهم بشكل عام.
و أخيرا أتمنى أن أكون قد وفقت في مناقشة هذا الموضوع ، و أن أكون قد استفدت أنا مما خلصت إليه من تفكيري و أفدت به كل الذين قرأوا هذا المقال المتواضع ، و كل ما أردته هو إضفاء الإستقرار و الحب و الوئام على الحياة و العلاقة الزوجية بين المرأة و الرجل بشكل عام و بين التي و الذي قرأ هذا المقال بشكل خاص. و إنني على إٍستعداد تام لمناقشة ما قلته في هذا المقال و تقبل وجهات النظر و مناقشتها أيضا بما يفيدنا جميعا ، فأنا أؤمن دائما أن ما نقوله ليس كافيا لإن ما في عقول الآخرين هو مكمل له. أشكركم على القراءة.
بسام المردحي